الكلام عن صفة الخداع والمكر...
بسم اللَّه وبه أستعين والصلاة والسلام علىٰ رسوله الأمين، وبعد: فهذا كلام عن صفة الخداع والمكر والاستدراج والاستهزاء والكيد. وفي بدء الكلام أقول: كل تلك الألفاظ تأتي بمعنى قريب ليس هو ببعيد. ” قال أبو جعفر الطبري في التفسير: ” والصواب في ذلك من القول والتأويل عندنا أن معنىٰ الاستهزاء في كلام العرب: إظهار المستهزئ للمستهزإ به من القول والفعل ما يرضيه ظاهرّا، وهو بذلك من قيله وفعله به مورثه مساءة باطنًا وكذلك معنىٰ الخداع والسخرية والمكر. ” وقال: ” وأصل الاستدراج اغترار المُستَدرج بلطف من حيث يرىٰ المُستَدرج أن المُستدرِج إليه محسن حتىٰ يورِّطه مكروهًا. ” وقال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن: ” ومنه قوله سبحانه: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}، والاستدراج أن يدنيهم من بأسه قليلًا قليلًا من حيث لا يعلمون، ولا يباغتهم ولا يجاهرهم. ومنه يقال: درجت فلانا إلى كذا وكذا، واستدرج فلانًا حتىٰ تعرف ما عنده وما صنع. يراد لا تجاهره ولا تهجم عليه بالسؤال، ولكن استخرج ما عنده قليلًا قليلًا. وأصل هذا من الدّرجة، وذلك أن الراقي فيها النازل منها ينزل مرقاة مرقاة، فاستعير هذا منها. ” فم...