المعصية خطوة من خطوات الشيطان...
بسم اللَّه والصلاة والسلام علىٰ رسول اللَّه وعلىٰ آله وصحبه ومن ولاه، وبعد:
قال ابن أبي الدنيا في التوبة:
” ١ - حدثنا يوسف بن موسى ثنا حسين بن علي الجعفي عن القاسم بن الوليد الهمداني قال: سألت قتادة عن قوله: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان}
قال: كل معصية للّٰه فهي من خطوات الشيطان “
أقول: هذا إسناد صحيح لقتادة وهو ابن دعامة السدوسي تابعي معروف وتلميذ لصاحب وخادم رسول اللَّه ﷺ أنس بن مالك.
ومن فضل اللَّه جل وعز أنه لم يجعل مجرد المعصية دائمًا أو غالبًا أمرًا مبطلًا للحسنات أو مدخلًا لجهنم مباشرةً
نعم هناك حسنات قد تبطل الطاعات ولكن هذا الباب ضيق مقارنة بالحال المعاكسة لهذا بفضله عز وجل
وبعض الناس يتعامل مع المعصية لا كأنها خطوة من خطوات الشيطان إن استمر فيها واستهان فقد يذهب لمنزل لا يُحمد إن لم يتداركه ربه بفضله وإن تاب وراجع نفسه فقد انمحت خطوته التي قد تجر لخطوة أخرىٰ إن استمر معها
ولكن يتعامل مع المعصية وكأنها مبطلة للحسنات وكأنها إن وقعت منه فقد ذهب خيره وذهبت خطواته التي هي خطوات إلىٰ الجنة وإليه سبحانه وتعالىٰ
والواقع أن المعصية خطوة لا ينبغي أن تقنطك فتعاملها وكأنها تذهب خيرك كله أو تقودك لجهنم مباشرة
فتستغفر وتتوب وتبدل خطوة الشيطان بخطوة طاعة إلىٰ الرحمن
وكما أن في هذا علاج من القنوط ففي هذا علاج من التفريط والاستهانة
فنعم هي خطوة لن تبطل عملك الطيب - ما لم تكن المعصية مبطلةً للعمل وهذا نطاق ضيق مقارنة بالحال المعاكسة -
ولكنها خطوة تجر إلىٰ غيرها والنفس أمارة بالسوء والشهوات واسعة وكلنا يعرف نفسه وما يضعف أمامه من الشهوات أو غير ذلك
فيوشك من تمادى بالخطوات أن يقع في المنزل الذي لا يحمد سواء أفي الدنيا أم في الآخرة
وقد قال جل وجهه:
{يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشَّيطانِ وَمَن يَتَّبِع خُطُواتِ الشَّيطانِ فَإِنَّهُ يَأمُرُ بِالفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ ما زَكى مِنكُم مِن أَحَدٍ أَبَدًا وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكّي مَن يَشاءُ وَاللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ}
قال الطبري في تفسيره: ”يقول تعالىٰ ذكره: ولولا فضل اللَّه عليكم أيها الناس ورحمته لكم، ما تَطَهَّر منكم من أحد أبدًا من دنس ذنوبه وشركه، ولكن اللَّه يطهَّر من يشاء من خلقه“
فتدبر مع كونك تترك خطوات الشيطان طاعة للرحمن وتذهب إلىٰ الخير لمرضاته وابتغاء أجره فالفضل ابتداءً وآخرًا منه سبحانه:
إذ هو الموفق والمرشد وهو الذي بنعمه تطيعه وتترك معاصيه فلست خارجًا عن فضله
{وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ ما زَكى مِنكُم مِن أَحَدٍ أَبَدًا وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكّي مَن يَشاءُ وَاللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ}
فلا تنظر لعملك ابتداءً فتقنط أن قصرت في بعض الجواب مع اجتهادك أو فتستهين إن أحسنت في بعض الجوانب مع تفريطك في غيرها
بل انظر لفضله سبحانه وما أنعم به عليك من بدن وسمع وبصر وغير ذلك، ولولا شيء من هذا لتعطلت كثير من أعمالك وأحوالك
فاجتهد بلا تفريط وإن عثرت فعد وتب، وأبشر بالخير
وأعلم اللَّه جل وعز من نفسك خيرًا ليوفقك ويرشدك، والحمد للَّه رب العالمين
تعليقات
إرسال تعليق