المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, 2024

استشكال الذكر: أصبح الملك للَّه...

بسم اللَّه وبه أستعين وأقصد والصلاة والسلام علىٰ رسوله الأمين، وبعد: فقد آنستُ أناسًا ممن استشكلوا الذكر الوارد: أصبحنا وأصبح الملك للٌَه وأمسينا وأمسىٰ الملك للَّه فقالوا: الملك دائمًا وأبدًا للَّه، فكيف يقال: أصبح أو أمسىٰ الملك للَّه؟ والفرضُ علىٰ كل مسلمٍ أن يتأدب ويتواضع في علمه ونفسه بالسؤال والتأني وألا يُسارِع بالرد والإنكار  قال الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه [٢٠٨٩]: ” حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الحسن بن عبيد اللَّه، عن إبراهيم بن سويد، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد اللَّه قال: كان نبي اللَّه ﷺ إذا أمسىٰ قال: أمسينا وأمسى الملك للَّه، والحمد للَّه لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له قال: أراه قال فيهن: له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر وإذا أصبح قال ذلك أيضًا: أصبحنا وأصبح الملك للَّه “  فهذا الذكر الطيب المبارك ثابت عن النبي ﷺ، ولا يحل لرجل أن يدفعه بتوهم توهمه إذ قد صح عن نبينا ﷺ  و...

حماقة استشناع الحديث ورده تجهمًا وتعطيلًا...

بسم وبه أستعين وأقصد والصلاة والسلام علىٰ رسول اللَّه، وبعد: قال أبُو سعيدٍ الدارمي في نقضه علىٰ المَريسي [١٤٤ - ١٤٥]: " فَإِنْ كُنْتَ تَدْفَعُ هَذِهِ الآثَارَ بِجَهْلِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِي القُرْآنِ، وَكَيْفَ تَحْتَالُ لَهُ؟ وَهُوَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَىٰ آخِرِهِ،  نَاقِضٌ لِمَذْهَبِكَ، وَمُكَذِّبٌ لِدَعْوَاكَ حَتَّىٰ بَلَغَنِي عَنْكَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ المُعَارِضِ أَنَّكَ قُلْتَ: مَا شَيْءٌ أَنْقَضُ لِدَعْوَانَا مِنَ القُرْآنِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلىٰ دَفْعِهِ إِلَّا مُكَابَرَةً بالتأويل “ أقول: فما أجهل من يرد الأحاديث بدعوىٰ التجسيم والتشبيه وظاهر الآيات علىٰ حسب مذهبه كتلك الأحاديث ولا فرق! فكيف تُنكَر الأحاديث ويُشنَع عليها وعلة تشنيع المشنع وإنكاره هي في ظواهر الآيات؟ فمن رد هذا وشنع وقبل ذاك وتأول: فقد تناقض واختلف قوله فهلا قبل المرء الأحاديث كما يقبل القرآن إن كان متسقًا في نهجه بدلًا من نبز أهل السنة بالتشبيه للأحاديث التي نظائرها في ظواهر الآيات؟ ولكن القوم يستقوون علىٰ الأحاديث فحسب جهلًا منهم وتخرصًا بغير علم وإلا فليس الأمر بالحديث - إذ جنس ما في أحاديث الص...

بكاء السماء والأرض علىٰ المؤمن

بسم اللَّه وبه أعتضد وأستعين والصلاة والسلام علىٰ رسوله الأمين، وبعد: قال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن من باب الاستعارة: ” ومنه قوله: {فما بَكَت عَلَيهِمُ السَّماءُ وَالأَرضُ وَما كانوا مُنظَرينَ} تقول العرب إذا أردت تعظيم مَهلَكِ رجلٍ عظيم الشأن رفيع المكانِ عام النفعِ كثير الصنائعِ: أظلمت الشمس له، وكسف القمر لفقده، وبكته الريح والسماء والأرض، يريدون المبالغة في وصف المصيبة وليس ذلك بكذب، لأنَّهم جميعًا متواطئون عليه، والسّامع له يعرف مذهب القائل فيه هكذا يفعلون في كل ما أرادوا أن يعظموه ويستقصوا صفته، ونيتهم في قولهم: أظلمت الشمس: أي كادت تظلم، وكسف القمر أي كاد يكسف، وربما أظهروا كاد، قال ابن مفرغ الحِميري يرثي رجلًا: الرّيحُ تَبكِي شَجْوَه ... والبَرقُ يلمَعُ في غَمَامَه، وقال آخر: الشّمسُ طَالِعةٌ لِيسَت بكَاسِفةٍ ... تَبكِي عليك، نُجُوم اللّيلِ والقَمَرا  أراد: الشمس طالعةٌ تبكي عليك، وليست من طلوعها كاسفة النجوم والقمر: لأنَّها مظلمة، وإنَّما تكسف بضوئها، فنجوم اللّيل بادية النهار وقد اختلف الناس في قول اللَّه عز وجل: {فما بَكَت عَلَيهِمُ السَّماءُ وَالأَرضُ} فذهب قوم مذا...

معاني الرجم في القرآن الكريم...

بسم اللَّه وبه أستعين وأقصد والصلاة والسلام علىٰ رسوله الأمين، وبعد: قال ابن قتيبة في تَأوِيل مُشكِل القرآن [٦٠٦]: ” الرجم: أصله الرمي، كقوله تعالىٰ: {وَجَعَلناها رُجومًا لِلشَّياطينِ}، أي مرامي “ قال أحمد بن فارس في مقاييس اللغة [٤٩٣]: ” رَجَمَ: الرَّاءُ وَالْجِيمُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَرْجِعُ إِلَىٰ وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَهِيَ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ ذَلِكَ. “ أقول: رُجُوم جمعُ تكسيرٍ للمصدر: الرَجْم، والمراد: اسم المفعول كما يتبين هذا من الكلام فوُضِعَ المصدر موضع اسم المفعول كما يقال: خلق اللَّه بمعنىٰ مخلوقو اللَّه سبحانه، ومن ذلك قوله ﷺ: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، أي فهو مردود  وأمثلة هذا كثيرة عند العرب قال البخاري في صحيحه: ” {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}، مَرَامِيَ “ قال الطبري في تفسيره: ” حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة {وَلَقَدْ زَيَّنا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً للشَّاطِينِ} إن اللَّه جلّ ثناؤه إنما خلق هذه النجوم لثلاث خصال: خلقها زينة للسماء الدنيا، ورجومًا للشياطين، وعلامات يُهتدىٰ بها فمن يتأ...

الإجماع علىٰ اسم النور للَّه تعالىٰ...

بسم اللَّه وبه أستعين والصلاة والسلام علىٰ رسول رب العالمين، وبعد: قال أبُو عبد اللَّه ابن القيم في مختصر الصواعق المرسلة [٤١٩]:  ” النُّورَ جَاءَ فِي أَسْمَائِهِ تَعَالَىٰ، وَهَذَا الِاسْمُ مِمَّا تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَأَثْبَتُوهُ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَىٰ وَهُوَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالَّذِي رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمِنْ طَرِيقِهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَمُحَالٌ أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ نُورًا، وَلَيْسَ لَهُ نُورٌ، وَلَا صِفَةُ النُّورِ ثَابِتَةٌ لَهُ “ أقول: الراجح في تعداد الأسماء الإدراج، فمن عددها هو الوليد بن مسلم رحمه اللَّه، ولكن اسم النور ثابت بقوله سبحانه: {اللَّه نور السماوات والأرض} وكونه نورًا ومسمًى بالنور هذا لم ينكره حتىٰ الجهمية فيما مضىٰ من قبل قال أبو العباس ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية: ” أن كونه نورًا أو تسميته نورًا مما لم يكن ينازع فيه قدماء الجهمية وأئمتهم الذين ينكرون الصفات بل كانوا يقولون إنه نور قال الإمام أحمد في...

الجهمي واصف ربه بالباطل أبدًا...

بسم اللَّه وبه أستعين والصلاة والسلام علىٰ رسول اللَّه، وبعد: قال أبُو سعيدٍ الدارمي في نقضه علىٰ المَرِيسي [١٥٩ - ١٦٠]: " فَيُقَالُ لَكَ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ المُدَّعِي فِي الظَّاهِرِ لَما أَنْتَ لَهُ مُنْتَفِن فِي البَاطِنِ: قَدْ قَرَأْنَا القُرْآنَ كَمَا قَرَأْتَ، وَعَقِلْنَا عَنِ اللَّه أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَقَدْ نَفَيْنَا عَنِ اللَّه مَا نَفَىٰ عَنْ نَفْسِهِ، وَوَصَفْنَاهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، فَلَمْ نَعْدُهُ  وأَبَيْتَ أَنْ تَصِفَهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَوَصَفْتَهُ بِخِلَافِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ أَخْبَرَنَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ ذُو سَمْعٍ وَبَصَرٍ، وَيَدَيْنِ، وَوَجْهٍ، وَنَفْسٍ، وَعِلْمٍ، وَكَلَامٍ، وَأَنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ فَآمَنَّا بِجَمِيعِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ كَمَا وَصَفَهُ بِلَا كَيفَ وَنَفَيْتَهَا أَنْتَ عَنْهُ كُلَّهَا أَجْمَعَ بِعَمَايَاتٍ مِنَ الحُجَجِ، وَتَكْيِيفٍ فَادَّعَيْتَ أَنَّ وَجْهَهُ: كُلُّهُ، وَأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِنَفْسٍ، وَأَنَّ سَمْعَهُ: إِدْرَاكُ الصَّوْتِ إِيَّاهُ، وَأَنَّ بَصَرَهُ...

اختلاف التنوع في التفسير

بسم اللَّه والصلاة والسلام علىٰ رسول اللَّه وعلىٰ آله وصحبه ومن ولاه، وبعد: فهذه بعض القواعد في اختلاف التفسير لعل اللَّه جل وجهه ينفع بها، وباللَّه التوفيق والسداد قال ابن قتيبة في تَأوِيل مُشكِل القرآن [١٣٧]: ” قيل له: الاختلاف نوعان: اختلاف تغاير، واختلاف تضاد اختلاف التضاد لا يجوز، ولست بواجده في شيء من القرآن إلَّا في الأمر والنَّهي من الناسخ والمنسوخ واختلاف التغاير: جائز “ وهذا تبيين مبدئي لنوعي الاختلاف قبل بيان أنواع اختلاف التنوع تفصيلًا قال تعالىٰ: {أَفَلا يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ وَلَو كانَ مِن عِندِ غَيرِ اللَّهِ لَوَجَدوا فيهِ اختِلافًا كَثيرًا} والمراد بالاختلاف في الآية الكريمة اختلاف التضاد والتناقض لا اختلاف التنوع، فهذا في القرآن كثير، وهو أمر قد عُقِلَ حكمته ونفعه قال ابن أبي حاتم في تفسيره: ” ٥٦٨٠ - حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ وَقَرَأَ:  {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيرًا}، فَقَالَ: إِنَّمَا يَأ...

الكتابة والتدوين في الزمن النبوي....

بسم اللَّه والصلاة والسلام علىٰ رسول اللَّه وعلىٰ آله وصحبه ومن ولاه، وبعد: قال الإمام أبو عيسىٰ الترمذي في علله [٣٥]: ” وإنما حملنا علىٰ ما بينا في هذا الكتاب من قول الفقهاء، وعلل الحديث، لأنا سئلنا عن ذلك فلم نفعله زمانًا، ثم فعلنا لما رجونا فيه من منفعة الناس لأنا وجدنا غير واحد من الأئمة تكلفوا من التصنيف ما لم يسبقوا إليه: فمنهم: هشام بن حسان وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريح وسعيد بن أبي عروبة ومالك بن أنس وحماد بن سلمة وعبد الله بن المبارك ويحيىٰ بن زكريا بن أبي زائدة ووكيع بن الجراح وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من أهل العلم والفضل صنفوا، فجعل اللَّه تبارك وتعالىٰ في ذلك منفعة كبيرة فنرجو لهم بذلك الثواب الجزيل من عند اللَّه - تعالىٰ - لما نفع اللَّه المسلمين به، فهم القدوة فيما صنفوا. “ ومراده عليه السلام بكلامه: أنه ترك التصنيف بتلك الطريقة الرائقة في جامعه من رواية الحديث مع ذكر العلل وأقوال الفقهاء لمدة مع كونه سُئِلَ عن هذا ثم لما رأىٰ أئمة سبقوه وتكلفوا من التصانيف ما لم يسبقوا إليه تشجع ليتكلف التصنيف بطريقته الخاصة في جامعه فكما أن هؤلاء تكلفوا في التصنيف ولم يسبقوا هو تكلف...

قاعدة في باب الصفات الإلهية...

بسم اللَّه والصلاة والسلام علىٰ رسول اللَّه وعلىٰ آله وصحبه ومن ولاه، وبعد: قال الإمام أبُو سعيدٍ الدارمي في نقضه [٦١]: ” ثُمَّ طَعَنَ المُعَارِضُ فِي رُؤْيَةِ اللَّه تَعَالَىٰ يَوْمَ القِيَامَةِ لِيَرُدَّهُ بِتَأْوِيلِ ضَلَالٍ وَبِقِيَاسِ مُحَالٍ، فَقَالَ: لَمْ تَرَهُ عَيْنٌ فَتَسْتَوْصِفَهُ “ ثم قال ردًّا علىٰ هذه الجهالة رحمه اللَّه [٦٣ - ٦٤]: ” وَأما قولك: وَلَمْ تَرَهُ عَيْنٌ فَتَسْتَوْصِفَهُ، فَلَوِ احْتَجَّ بِهَذَا صَبِيٌّ صَغِيرٌ لَمْ يَزِدْ عَلَىٰ مَا قُلْتَ: جَهَالَةً. أَفَرَأَى أَهْلَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ وَمَا فِيهِمَا بِعَيْنِهِ فَيَسْتَوْصِفَهُ؟!، وَهَلْ يَصِفُهُمَا وَيَصِفُ مَا فِيهِمَا إِلَّا بِمَا وَصَفَهُمَا اللَّه فِي كِتَابِهِ: أَنَّ فِي الجَنَّةِ حُورًا عِينًا، وَطَعَامًا وَشَرَابًا، وأنهارًا، وَنَخْلًا، ورمانًا، وشجرًا، وقصورًا مِنْ دُرٍّ وَيَاقُوتٍ، وَلِبَاسًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ، وَحِريرًا وَمَا أَشْبَهَهَا وكَذَلِكَ النَّارُ فِيهَا أَنْكَالٌ وَقُيُودٌ وَمَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ، وَأَغْلَالٌ، وَسَلَاسِلُ، وَحَمِيمٌ، وَزَقُّومٌ. أَفَتَصِفُ الجَنَّةَ وَالنَ...

معاني النسيان في القرآن الكريم...

بسم اللَّه والصلاة والسلام علىٰ رسول اللَّه وعلىٰ آله وصحبه ومن ولاه، وبعد: قال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن [٥٨٩]: ” النسيان: ضد الحفظ، كقوله: {إني نسيت الحوت}، وقال: {لا تؤاخذني بما نسيت} والنسيان: الترك، كقول اللَّه تعالىٰ: {ولقد عهدنا إلىٰ آدم من قبل فنسي}، أي ترك وقوله: {فذوقوا بما نسيتوا لقاء يومكم هذا}، أي بما تركتم الإيمان بلقاء هذا اليوم، {إنا نسيناكم}، أي تركناكم وقوله: {لا تنسوا الفضل بينكم}، أي لا تتركوا ذلك “ وقال أحمد بن فارس في مقاييس اللغة [٢٤١ - ٢٤٢]: ” نَسِيَ: النُّونُ وَالسِّينُ وَالْيَاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ: يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَىٰ إِغْفَالِ الشَّيْءِ، وَالثَّانِي عَلَىٰ تَرْكِ شَيْءٍ... وَعَلَىٰ ذَلِكَ يُفَسَّرُ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}، أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: فَتَرَكَ الْعَهْدَ “ أقول: كأن العرب تضع النسيان موضع الترك من باب الاستعارة إذ الترك بسببٍ من النسيان والغفلة وهذا كما يضعون اليد موضع القدرة والطاقة إذ ذاك ...