الكلام علىٰ طريق محمد بن عمرو في التفسير
بسم العليم والصلاة والسلام علىٰ رسوله معلم الناس الخير، وبعد:
فإن من أسانيد التأويل المأثورة الإسناد المعروف عند أبي جعفر الطبري، وهو:
” حدثني محمد بن عمرو الباهلي، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسىٰ بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ”
وقد رُوِيَ بهذا السند الكثير والكثير عن إمام المفسرين مجاهد رضوان اللَّه عليه
فهل هو سند صحيح؟
والإجابة: نعم
فمحمد بن عمرو الباهلي الذي يروي عنه الطبري وثقه عبد الرحمن بن خراش، وروىٰ عنه عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، وهو ممن لا يروي إلا عن ثقة
قال ابن حجر في تعجيل المنفعة:
” ٩ - إبراهيم بن الحسن الباهلي العلاف المقري عن حماد بن زيد وأبي عوانة وعنه عبد اللَّه بن أحمد وغيره وليس هو بالمشهور
قلت: كان عبد اللَّه بن أحمد لا يكتب الا عن من أذن له أبوه في الكتابة عنه، وكان لا يأذن له أن يكتب الا عن أهل السنة حتىٰ كان يمنعه أن يكتب عن من أجاب في المحنة
ولذلك فاته علي بن الجعد ونظراؤه من المسندين
ثم إن هذا الباهلي وثقه أبو زرعة ”
وبهذا يُعلَم أن توثيق ابن خراش كان منه علىٰ الجادة والإصابة إذ قد روىٰ عن محمد بن عمرو عبد اللَّه بن أحمد، وروايته عنه تعديل
هذا وقد احتج الطبري به إذ ثبت بروايته عن ابن أبي نجيح قول مجاهد
وذلك في تفسيره حين قال إثر أثر مجاهد في مسخ القردة: ( وهذا القول الذي قاله مجاهد قول لظاهر ما دل عليه كتاب اللَّه مخالف )
وأما أبو عاصم الذي يروي عنه محمد بن عمرو فهو الضحاك بن مخلد
وقد تبين ذلك عند الطبري في التفسير
قال رحمه اللَّه:
” فحدثني محمد بن عمرو الباهلي، قال: حدثنا الضحاك بن مخلد، عن عيسىٰ بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ”، إلىٰ أخر الكلام
وهذا هو سند التفسير الذي نتحدث عنه
وأما عيسىٰ بن ميمون فهو المكي المعروف بابن داية، ثقة، وليس هو بعيسىٰ الأخر المتروك
قال الدوري في تاريخه عن ابن معين:
” ٢٣٧ - سمعت يحيىٰ وسُئِلَ عن عيسىٰ بن ميمون من هو
فقال: هو مكي هو الذي يروي عنه أبو عاصم وغيره التفسير عن ابن أبي نجيح
ويقال له: عيسىٰ الجرشي
قيل ليحيىٰ: فعيسى الأخر، قال ليس حديثه بشيء ”
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل:
” نا الدوري سمعت يحيىٰ بن معين يقول: عيسىٰ بن موسى الجرشى صاحب أبي عاصم ليس به بأس
سألت أبي عن عيسىٰ بن ميمون بن داية فقال: هو ثقة ”
قال الدارقطني في الضعفاء والمتروكين:
” ٤١١ - عيسىٰ بن ميمون، عن القاسم بن محمد، وهشام بن عروة.
٤١٢ - فأما عيسىٰ بن ميمون المكي، فهو ثقة يعرف بابن دايه يروي عن ابن أبي نجيح سكن البصرة ”
وأما رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد فهي مرضية، قد احتج بها الطبري إذ ثبت بها قول مجاهد في مسخ القردة
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل:
” ثنا عبد الملك بن أبي عبد الرحمن المقر، نا عبد الرحمن يعني ابن الحكم بن بشر، نا وكيع قال: كان سفيان يصحح تفسير ابن أبي نجيح ”
هذا صحيح عن سفيان الثوري الإمام الناقد
ووجه تصحيح تفسيره عن مجاهد أنه أساسًا وأصلًا آخذه عن كتاب القاسم بن أبي بزة فلا يُعَل ما رواه بانقطاع السماع
قال يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ:
” حدثني محمد بن عبد الرحيم قال سألت عليًّا ... إلىٰ أن قال:
وسئل علي: سمع ابن أبي نجيح التفسير من مجاهد؟، قال: لا
قال سفيان: لم يسمعه أحد من مجاهد إلا القاسم بن أبي بزة أملاه عليه، وأخذ كتابه الحكم وليث وابن أبي نجيح ”
هذا سند صحيح، وعلي هو ابن المديني، وما ذكر عن سفيان فيعني به ابن عيينة، وأما الثوري فلم يدركه ابن المديني
هذا ممن أخذ من كتاب القاسم أيضًا ابن جريج، ذكر ذلك ابن حبان
وقال الخليلي في الإرشاد: ( وعن ابن جريج في التفسير جماعة رووا عنه
وروىٰ محمد بن ثور عن ابن جريج نحو ثلاثة أجزاء كبار، وذلك صححوه
وروىٰ الحجاج بن محمد عن ابن جريج نحو جزء، وذلك صحيح, متفق عليه )
فنقل الاتفاق علىٰ صحة التفسير عن ابن جريج إذ كان عن كتاب القاسم، فكذلك تفسير عن ابن أبي نجيح صحيح باتفاق إذ كان عن الكتاب أيضًا
هذا وصل اللهم وسلم علىٰ نبينا محمد
تعليقات
إرسال تعليق