الطعن في العلماء...!
بسم اللَّه والصلاة والسلام علىٰ رسول اللَّه وعلىٰ آله وصحبه ومن ولاه، وبعد:
قال ابن القيم في الصواعق المرسلة [١٥٥ - ١٥٦]:
” وقد شهد سبحانه لمن يرىٰ أنَّ ما جاء به من عند اللَّه هو الحق لا آراء الرجال بالعلم فقال تعالىٰ: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}
وقال تعالىٰ: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى}
فمن تعارض عنده حقائق ما جاء به وآراء الرجال فقدمها عليه أو توقف فيه أو قدحت في كمال معرفته وإيمانه به لم يكن من الذين شهد اللَّه لهم بالعلم ولا يجوز أن يسمىٰ بأنَّه من أهل العلم ”
أقول: من جميل فقه التفسير وحسنه الاستدلال علىٰ الشيء من ذكر عكسه
ومن ذاك أن اللَّه تعالىٰ دل بذكره: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ)، علىٰ أن الذين لا يرون ذلك هم أهل الجهل ممن لم يؤتوا العلم
وكل صاحب خلاف عقدي وبدعة فهو ممن لا يرىٰ أن ما أنزل اللَّه هو الحق في الباب الذي خالف فيه
فهذا كذاك والأمر كما قال ابن القيم من أن من لم يرَ ذاك فليس ممن شهد اللَّه له بالعلم فلا يجوز ولا يسوغ أن يُسمَّىٰ عالمًا بل هو أعمىٰ
فقد قال تعالىٰ: (أَفَمَن يَعلَمُ أَنَّما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ الحَقُّ كَمَن هُوَ أَعمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبابِ)
فكل مُبتدِع بدعةً أعمىٰ إذ هو ممن لا يرىٰ أن ما أنزله الحق في الباب الذي ابتدع فيه بدعته
فما عسانا بعد أن نقول في أناس لا يعرفون القدوس بصفاته طاهرةً نزيهةً مدعين تنزيهه عنها ناكرين علوع علىٰ خلقه وهو أساس معرفته في دينه؟
والعجب أنه إن ظهر من يتكلم فيهم ولو بأقل القليل من الأمر من أنهم ليسوا بأهل سنة طلع بعض من يُنسَب إلىٰ العلم ومن تبع أمثاله من جهلة العوام والطلبة قائلين: الطعن في العلماء!، وخطورة الطعن في العلماء!، وهذا يطعن بالعلماء!!
سبحان اللَّه، قال تعالىٰ: {وَتِلكَ الأَمثالُ نَضرِبُها لِلنّاسِ وَما يَعقِلُها إِلَّا العالِمونَ}
فهذا قيل هذا في أمثال القرآن فكيف بمن لا يعقل ولا يعلم ما هو أظهر من توحيد الرب بصفاته إذ يرىٰ التوحيد بتعطيله عنها أفتراه عالمًا؟!
والعلم إنما هو ما ورثَّه الأنبياء فورثه عنهم العلماء، والتوحيد والسنة أساس ذلك العلم وأصله، فمن لم يكن سنيًّا فليس بعالم إذ لا أساس له ولا أصل في العلم
ومن لم يخشَ مع ذلك فليس بعالم إذ: ( إِنَّما يَخشَىٰ اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ غَفورٌ )
وقال أبو خيثمة في كتاب العلم:
” ٤٦ - ثنا جَرِيرٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَىٰ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنَ الْعِلْمِ أنْ يَخْشَىٰ اللَّهَ وَبِحَسْبِهِ جَهْلًا أنْ يُعْجَبَ بِعِلْمِهِ ”
هذا سند صحيح للتابعي أبي عائشة مسروق بن الأجدع رحمه اللَّه
هذا وكلام القوم بشأن الطعن في العلماء هذا واللَّه من المقدمات المسبقة لدىٰ هؤلاء!، فمخالفهم إنما يخالفهم في كون هؤلاء من العلماء أصلًا
فلا يصلح أن يُستَدل علىٰ المخالف بمحل النزاع!
ولا أحسب منصفًا ينظر لحال هؤلاء فيقضي عليهم بالتجرد العلمي بل المقدمات المسبقة لديهم واضحة، واللَّه المستعان
هذا وصل اللهم وسلم علىٰ نبينا محمد
تعليقات
إرسال تعليق