الرد علىٰ عبد الرحمن دمشقية...
بسم اللَّه والصلاة والسلام علىٰ رسول اللَّه وعلىٰ آله وصحبه ومن ولاه، وبعد:
قال زهير بن حرب النسائي في كتاب العِلْم [٢٦]:
” ١٠٧ - ثنا محمد بن حجاج، عن ابن جريج، أخبرني عطاء أنَّه سمع أبا هريرة والنّاس يسألونه يقول: لولا آية أنزلت في سورة البقرة لما أخبرت بشيء، فلولا أنَّه قال: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم اللَّه ويلعنهم اللاعنون} ”
هذا إسناد صحيح لأبي هريرة رضي اللَّه عنه، وهذا من فقه السلف فسكوتهم لخشية وتكلمهم لخشية رضي اللَّه عنهم
وإني لأرجو أن أكون كذلك فأتكلم خشية في ردودي وكلامي مع الناس، واقول ولا حول ولا قوة إلّا باللَّه: هذا رد علمي علىٰ بعض ما تكلم به الشيخ عبد الرحمن دمشقية وفقه اللَّه
وليس المراد من هذا إسقاط الشيخ - وأعوذ باللَّه من ذلك - ولا التشفي ولا غير ذلك، إنَّما هذا دين فوجب إظهار الحق واجتناب كتمان العلم
قال الشيخ عبد الرحمن في مقطعه علىٰ اليوتيوب [وليد إسماعيل ومذهب التفويض الأشعري لصفة اليدين للَّه]:
” لا يؤخذ من هذه الآية: {بل يداه مبسوطتان}، إثبات اليد مباشرة، وإنما إثبات كرم اليد الثابتة أصلًا من قوله تعالىٰ: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} ”
وهذا الكلام باطل لا يعقل، فإن الآية دالة علىٰ اليدين المبسوطتين بالعطاء ردًّا علىٰ وصف اليهود للَّه تعالىٰ بالبخل بقبض يده وإمساكها يعني عن العطاء بزعمهم
فكيف يقال: لا تثبت اليد مباشرة؟
قال ابن قتيبة في الإختلاف في اللفظ والرد علىٰ الجهمية والمشبهة [٤٢]:
” وتأويل الآية: أن اليهود قالت: يد اللَّه مغلولة أي ممسكة عن العطاء، فضرب الغل في اليد مثلًا لأنَّه يقبض اليد عن أن تمتد وتنبسط كما تقبض يد البخيل
فقال اللَّه تعالىٰ: {غلت أيديهم}، أي قبضت عن العطاء والإنفاق في الخير والبر: {ولعنوا بما قالوا}، {بل يداه مبسوطتان}: بالعطاء: {ينفق كيف يشاء} “
فاليد مبسوطة بالعطاء علىٰ ما ذكر ابن قتيبة، فكيف لا يكون في هذا ثبوت اليد مباشرة؟
وقد عد السلف تلك الآية من آيات صفة اليدين
قال ابن خزيمة في كتاب التوحيد [١١٨]:
” بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ الْيَدِ لِلْخَالِقِ الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا وَالْبَيَانُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَىٰ لَهُ يَدَانِ، كَمَا أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ أَنَّهُ خَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَدَيْهِ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِإِبْلِيسَ: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}
وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا تَكْذِيبًا لِلْيَهُودِ حِينَ قَالُوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}، فَكَذَّبَهُمْ فِي مَقَالَتِهِمْ، وَقَالَ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} ”
قال عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه علىٰ المريسي [٨٤]:
” وَقد كَفَانَا اللَّهُ ورَسُولُهُ مُؤْنَةَ تَفْسِيرِكَ هَذَا، بِالنَّاطِقِ مِنْ كِتَابِهِ، وَبِمَا أَخْبَرَ اللَّه عَلَىٰ لِسَانِ نَبِيِّهِ - ﷺ -.
فَأَمَّا النَّاطِقُ مِنْ كِتَابِهِ فَقَوْلُهُ: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، وَقَوْلُهُ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} ”
قال ابن جرير الطبري في التبصير في معالم الدين:
” وذلك نحو إخبار اللَّه تعالىٰ ذكره إيانا أنه سميعٌ بصيرٌ، وأن له يدين لقوله: {بل يداه مبسوطتان}، وأن له يميناً لقوله: {والسموات مطويات بيمينه} ... إلخ ”
قال الدارمي في نقضه [١٠١]:
” أم قَوْله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، أنعمتان مِنْ أَنْعُمِهِ قَطُّ مَبْسُوطَتَانِ؟، فَإِنَّ أَنْعُمَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، أَفَلَمْ يَبْسُط مِنْهَا عَلَىٰ عِبَادِهِ إِلَّا ثِنْتَيْنِ وَقَبَضَ عَنْهُم مَا سِوَاهُمَا فِي -دَعْوَاكُمْ-؟
فَحِينَ رَأَيْنَا كَثْرَةَ نِعَمِ اللهِ المَبْسُوطَاتِ عَلَىٰ عِبَادِهِ ثُمَّ قَالَ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، عَلِمْنَا أَنَّهَما بِخِلَافِ مَا ادَّعَيْتُمْ، وَوَجَدْنَا أَهْلَ العِلْمِ مِمَّنْ مَضَىٰ يَتَأَوَّلُونَهَا خِلَافَ مَا تَأَوَّلْتُمْ، وَمَحَجَّتُهُمْ أَرْضَىٰ، وَقَوْلُهُمْ أَشْفَىٰ.
(٥١) حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَن يزِيد النَّحْوِيّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَوْلُهُ {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، قَالَ: يَعْنِي اليَدَيْنِ
(٥٢) حَدثنِا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الجُمَحِيِّ قَالَ: سَألتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ يَدِ اللَّه، أَوَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ؟، قَالَ: بل اثْنَتَانِ ”
هذه أسانيد جيدة قد ثبتها الدارمي
ونعيم بن حماد وإن كان فيه ما فيه غير أنه معني بما ينقض علىٰ الجهمية فالأثر الذي رواه مظنة حفظ وضبط ومع احتجاج الدارمي فالأثر صحيح إن شاء اللَّه
وابن ابي مليكة تابعي جليل
قال الشيخ عبد الرحمن دمشقية في مقطعه:
” كما أنَّه لا يؤخذ من قوله تعالىٰ: {كل شيء هالك إلا وجهه}، إثبات الوجه، ولذلك عامة السلف كانوا يفسرون هذه الآية أي ما أريد به وجهه ”
أقول: لا شك أنّه ثبت عن السلف تأويل الآية بما أريد به وجهه، وبعضهم فسرها بأنَّ معناها: إلّا وجهه أي إلّا هو، يعني اللَّه جل وعز
قال يحيىٰ بن سلام في تفسيره [٦١٤]:
” وَقَالَ السُّدِّيُّ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ}، يَعْنِي: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ مَيِّتٌ
قَالَ: {إِلا وَجْهَهُ}، إِلا قَالَ: {إِلا وَجْهَهُ}، إِلّا اللَّهُ فَإِنَّهُ لا يَمُوتُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ ”
وقال البخاري في صحيحه [١٢١]:
” وَيُقَالُ: إِلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّه ”
وقال حرب الكرماني في السنة:
” ٣٢٠ - حدثنا أبو معن، قال: ثنا مؤمل، ثنا سفيان في قوله: {كل شيء هالك إلا وجهه}، قال: إلا ما أريد به وجهه ”
أقول: وهذا في تفسير سفيان نفسه
قال سفيان الثوري في تفسيره:
” (كل شيء هالك إلا وجهه)، مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ ”
وهذان التأويلان جاءا باعتبار السياق، فسياق الآية: {وَلا تَدعُ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ لا إِلهَ إِلّا هُوَ كُلُّ شَيءٍ هالِكٌ إِلّا وَجهَهُ لَهُ الحُكمُ وَإِلَيهِ تُرجَعونَ}
يخصص العموم - كل شيء - بالمعبودات والآلهة من دونه سبحانه أو بالمخلوقات التي تموت فترجع إليه سبحانه
ويدل السياق علىٰ أنّ المراد بقوله إلًا وجهه أي إلًا هو إذ السياق عن فناء الأعيان والأشياء
أو أن المراد إلًا ما أريد به وجهه فالمعبودات من دونه تموت فلا تثيب من عبدها، ولا يبقىٰ إلَّا ما أريد به وجهه أي إلا ما أريد به ثوابه وجزاءه
وذلك أن له الحكم بين العباد وإليه يعودون فهو مثيبهم سبحانه
فهذان التفسيران لهما وجه ظاهر في سياق الخطاب، ولكن أفيهم دفع ورد لصفة الوجه؟
الجواب: كلا، وذلك لأن قولنا: لوجه اللَّه، ولوجه فلان مثل معقول فهو وإن كان المراد به الثواب وما عند الشخص غير أنه مثل لا يقال إلا لمن كان من ذوي الأوجه
فلا يقال لمن لم يكن قط من ذوي الأوجه: فعلت كذا لوجهه، أو أريد بكذا وجهه
فلما قيل: ما أُرِيدَ به وجهه، فذاك لا يُفهَم منه عند العرب إلا أن للشخص المُتكلَّم عنه وجهًا
قال ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي:
” أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَىٰ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَىٰ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}
قَالَ: لا يَكُونُ فِي هَذَا الْمَعْنىٰ إِلا هَذِهِ الثَّلاثَةُ الأَحْكَامُ، فَمَا عَدَاهَا مِنَ الأَكْلِ بِالْبَاطِلِ:
عَلَىٰٰ الْمَرْءِ فِي مَالِهِ فَرْضٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَىٰ، لا يَنْبَغِي لَهُ حَبْسُهُ، وَشَيْءٌ يُعْطِيهِ، يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَىٰ، لَيْسَ مُفْتَرَضًا عَلَيْهِ، وَشَيْءٌ يُعْطِيهِ، يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ صَاحِبِهِ ”
قول الإمام الشافعي الفصيح: ”يريد به وجه صاحبه”، هذا نظير قولنا: يريد به وجه اللَّه
ولا يشكن عاقل قد عقل كلام العرب أن القول الأول دال علىٰ أن للصاحب وجهًا وإن كان المراد بذلك الثواب، وكذلك القول الآخر وإن كان يراد به ثواب اللَّه وما عنده فهو دال علىٰ الوجه
قال الدارمي في نقضه علىٰ المريسي [٢٧٩ - ٢٨٠]:
” وَلَوْلَا كَثْرَةُ مَنْ يَسْتَنْكِرُ الحَقَّ، وَيَسْتَحْسِنُ البَاطِلَ؛ مَا اشْتَغَلْنَا كُلَّ هَذَا الِاشْتِغَالِ بِتَثْبِيتِ وَجْهِ اللَّه ذِي الجلَال وَالإِكْرَام، ولو لم يَكُنْ فِيهِ إِلَّا اجْتِمَاعُ الكَلِمَةِ مِنَ العَالِمِينَ:
أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّه العَظِيمِ، وأَعُوذُ بِوَجْهِكَ يَا رَبِّ، وجَاهَدْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّه، وأَعْتَقْتُ لِوَجْهِ اللَّه، لَكَانَ كَافِيًا مِمَّا ذَكَرْنَا: إِذْ عَقِلَهُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، وَالبَرُّ وَالفَاجِرُ، وَالعَرَبِيُّ وَالعَجَمِيُّ، غَيْرَ هَذِهِ العِصَابَةِ الزَّائِغَةِ المُلْحِدَةِ فِي أَسْمَاءِ اللَّه، المُعَطِّلَةِ لِوَجْهِ اللَّهِ، وَلِجَمِيعِ صِفَاتِهِ، - عز وجل - وَجْهُهُ، وتقدَّست أَسْمَاؤُهُ ”
فهنا الإمام الدارمي يستدل علىٰ تثبيت الوجه بقول الناس: جاهدت ابتغاء وجه اللَّه، وما شاكل ذلك
فالعجب من المعطلة إذ يجعلون بجهالتهم ما هو دليل علىٰ الشيء دليلًا علىٰ عكسه، واللَّه المستعان
وأما التفسير الأخر وهو قولهم: كل شيء هالك إلا وجهه يعني إلا هو
فهذا تثبيت للوجه وتحقيق أيضًا، وذاك أن قلب الكلام من البعض إلىٰ الكل يدل علىٰ البعض، وإنما يُقلَب الكلام لتناسب ذلك في مقام الخطاب
فلو قيل: أرسل الأمير عيونه في الليل أي جواسيسه كما يُفهَم ذلك من سياق الخطاب لكان في هذا تثبيتًا لأعين الجواسيس لا العكس
وناسب قلب الكلام كذلك إذ كان الجاسوس يتجسس ويتفحص بعينه
هذا وقد ثبت يحيىٰ بن سلام والبخاري صفة الوجه من تلك الآية، فعُلِمَ بهذا أن تفسيرها بما أريد به وجهه وغيره ليس بتأويل يرد الصفة عندهما
قال البخاري في كتاب التوحيد من صحيحه [١٢١ - ١٢٢]:
” قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ}
٧٤٠٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ، فَقَالَ: ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ، قَالَ ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: هَذَا أَيْسَرُ ”
هنا ذكر البخاري قوله تعالىٰ: (كل شيء هالك إلا وجهه)، ثم أسند حديث الاستعاذة بالوجه
ومراده بذلك أن الصفة غير مخلوقة إذ لا يستعاذ بمخلوق
قال البخاري في خلق أفعال العباد:
” وقال نعيم: لا يستعاذ بالمخلوق، ولا بكلام العباد والجن والإنس، والملائكة وفي هذا دليل أنَّ كلامَ اللَّهِ غير مخلوق، وأنَّ سواه مخلوق ”
وقال يحيىٰ بن سلام في تفسيره / ٦١٤:
” {وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {٨٧} وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَه}، هُوَ كَقَوْلِهِ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} ”
ففسر الآية بقوله جل وعز: {ويبقىٰ وجه ربك ذو الجلال والإكرام}
وهذا صريح في الإثبات إذ لا يقال: إن النص المعين كالنص الأخر المعين إلا وبين الاثنين معنىً مشترك مفهوم
فإن كان الأمر كذلك فلا يبدو أن ما نقله عن السدي من التفسير من أن معنىٰ قوله: (إلا وجهه)، أي إلا اللَّه سبحانه
لا يظهر أن ذلك تأويل يرد الصفة عنده، والحمد للَّه فالأمر بين
وقد قال ابن خزيمة في كتاب التوحيد [٢٤]:
” بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ وَجْهِ اللَّهِ الَّذِي وَصَفَهُ بِالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فِي قَوْلِهِ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}، وَنَفَى عَنْهُ الْهَلَاكَ إِذَا أَهْلَكَ اللَّهُ مَا قَدْ قَضَى عَلَيْهِ الْهَلَاكُ مِمَّا قَدْ خَلَقَهُ اللَّهُ لِلْفَنَاءِ لَا لِلْبَقَاءِ، جَلَّ رَبُّنَا، عَنْ أَنْ يَهْلِكَ شَيْءٌ مِنْهُ مِمَّا هُوَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ
قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}، وقَالَ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} ”
فذكر قوله: (كل شيء هالك إلا وجهه)، ضمن نصوص صفة الوجه، وكذا فعل الدارمي، وهذا الصواب
ومن ظن أن تلك الآية ليست من نصوص صفة الوجه مع إثباته للوجه فهذا قد غلط ولا يتابع علىٰ ذلك
هذا وصل اللهم وسلم علىٰ نبينا محمد
تعليقات
إرسال تعليق