إمرار الكفر والتعطيل بدعوىٰ نفي المثلية والتشبيه

بسم اللَّه السميع البصير الذي لا شبه له ولا مِثل في العالمين، والصلاة والسلام علىٰ نبيه الصادق الأمين، وبعد:

فمما يشوش به المعطلة علىٰ أهل التوحيد وعوام الناس بمن فيهم من أهل الغفلة دعواهم نفي المثلية عن اللَّه تعالىٰ

قاصدين بذلك إمرار التجهم والتعطيل وتبريرًا منهم بذلك الكفر المبين

فالأمر كما قال عثمان الدارمي في نقضه [٣٥١]:

” وَاتَّخَذُوا قَوْلَهُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، دِلَسَةً عَلَىٰ الجُهَّالِ لِيُرَوِّجُوا عَلَيْهِمْ بهَا الضَّلالِ، 

كَلِمَةُ حَقٍّ يُبْتَغَىٰ بهَا بَاطِلٌ، وَلَئِنْ كَانَ السُّفَهَاءُ فِي غَلَطٍ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ إِنَّ الفُقَهَاءَ مِنْهُمْ علىٰ يَقِين ”

فسأذكر وجه الرد عليهم بعون اللَّه تعالىٰ

قال تعالىٰ: {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصيرُ}

وقد قال تعالىٰ: {يا نِساءَ النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ}

فإذا لم يُفهَم من نفي المماثلة هاهنا نفي الصفات وإنما فُهِمَ إثباتها علىٰ المعقول بالقلوب من معانيها مع نفي مماثلتها لصفات الغير أي مع القطع بوجود قدر فارق في تلك الصفات المشتركة

فكذلك مع قوله تعالىٰ: {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ}

إنما هو تحقيقُ كونِه شيئًا، وإثباتُ كونِه موصوفًا بغير مِثل ولا شبه 

قال أبو عيسىٰ الترمذي في جامعه [٤٢]:

” وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: إِنَّمَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ إِذَا قَالَ: يَدٌ كَيَدٍ أَوْ مِثْلُ يَدٍ، أَوْ سَمْعٌ كَسَمْعٍ أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ، فَإِذَا قَالَ سَمْعٌ كَسَمْعٍ أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ فَهَذَا التَّشْبِيهُ.

وَأَمَّا إِذَا قَالَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ: يَدٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ، وَلَا يَقُولُ كَيْفَ وَلَا يَقُولُ مِثْلُ سَمْعٍ وَلَا كَسَمْعٍ، فَهَذَا لَا يَكُونُ تَشْبِيهًا، وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ فِي كِتَابِهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} "

وقال قتيبة بن سعيد في تأويل مشكل القرآن [٥٩٥]:

” والضرب؛ التبيين والوصف، قال اللَّه تعالىٰ: {ضرب اللَّهُ مثلًا}، وقال: {فلا تضربوا للَّه الأمثال}، أي لا تصفوه بصفات غيره، ولا تشبهوه ”

ولا يُسلم لأهل التعطيل قولهم في التشبيه والتمثيل بل المرد إلىٰ كتاب اللَّه تعالىٰ فهو تبيان ذلك كله

فلم نر نحن في كتاب اللَّه تعالىٰ تشبيهًا وتمثيلًا علىٰ الوجه الذي قصدوه، ولا علىٰ المعنىٰ الذي أرادوه

قال الدارمي في نقضه [٣٥١]:

” (٢٢٦) حَدثنَا سَلَّامُ بنُ سُلَيْمَانَ المَدَائِنِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - قَالَ: لَيْسَ للَّه مَثَل

وَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ للَّهِ مَثَلٌ وَلَا شَبَهٌ، وَلَا كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَلَا كَصِفَاتِهِ صِفَةٌ، فَقَوْلُنَا: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ أَنَّهُ شَيْءٌ أَعْظَمُ الأَشْيَاءِ، وخَالِقُ الأَشْيَاء، وَأَحْسَنُ الأَشْيَاء، نُورُ السَّمَاواتِ وَالأَرْض

فقَولُ الجهميَّةِ: ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ يَعنُونُ: لا يُثْبِتُونَ فِي الأَصْلِ شَيْئًا، فَكَيْفَ المِثْلُ؟ وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ. ”

هذا وصل اللهم وسلم علىٰ نبينا محمد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخلاف في صفة الهرولة...

دلالة الحس علىٰ الخالق وصفاته وأفعاله...

هل تثبت صفة البشبشة؟