جلالة صفة الكلام وترابط الصفات ببعضها البعض...
بسم اللَّه وبه أستعين والصلاة والسلام علىٰ رسوله الآمين، وبعد: قال أبُو سعيدٍ الدارمي في النقض علىٰ المَريسي [٣٢٧]: ” حَتَّىٰ ادَّعىٰ جَهْمٌ: أَنَّ رَأْسَ مِحْنَتِهِ نَفْيُ الكَلَامِ عَنِ اللَّه تَعَالَىٰ فَقَالَ: مَتَىٰ نَفَيْنَا عَنْهُ الكَلَامَ، فَقَدْ نَفَيْنَا عَنْهُ جَمِيعَ الصِّفَاتِ، مِنَ النَّفْسِ وَاليَدَيْنِ، وَالوَجْهِ، وَالسَّمْعِ، وَالبَصَرِ: لِأَنَّ الكَلَامَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا لِذِي نَفْسٍ وَوجه وَيَد وَسمع وَبَصَرٍ، وَلَا يَثْبُتُ كَلَامٌ لِمُتَكَلِّمٍ إِلَّا مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الصِّفَاتُ وَكَذَبَ جَهْمٌ وَأَتْبَاعُهُ فِيمَا نَفَوْا عَنْهُ مِنَ الكَلَامِ، وَصَدَقُوا فِيمَا ادَّعَوْا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الكَلَامُ إِلَّا لمن اجْتَمَعَتْ فِي هَذِهِ الصِّفَاتُ ” هذ نظر حسن من جهم علىٰ كفره وزندقته، وذاك أنه لا يثبت كلام لمتكلم قائم بنفسه إلا وهو من ذوي النفوس والأوجه والأيدي والأسماع والأبصار فإن اتصف بالكلام كانت له نفس بها وجهه الذي فيه تكلُّمهُ وسمعه وإبصاره، وبها يده التي بها بطشه وعطاءه ولا يعقل أن يتصف حي قائم بنفسه بالكلام وهو لا يتصف بتلك الصفات، هذا م...