المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, 2024

الكلام عن جهالة العين والحال...

بسم اللَّه وبه أستعين وأقصد والصلاة والسلام علىٰ رسوله الأمين، وبعد: اعلم رحمك اللَّه أن مبحث الجهالة معني بالبحث عن حال الراوي في جهالته ليُعرَف أمجهول هو في نفسه أو حاله فلا يكون فيه تعديل أو جرح من أهل النقد أم لا فأما جهالة العين فهي جهالتنا بعين الراوي ونفسه أهو موجود أم لا؟ فمجهول العين هو الذي لا يُعرَف البتة فلا ندري أهو شخص حقيقي أم لا؟ وفي الأمر شبهة فقد يغلط الراوي في الاسم أو يهم فيبدل بدل الاسم اسمًا أخر، فنظن نحن لهذا أن المروي عنه مجهول وهو معروف ولهذا فمجهول العين هو من لم يرو عنه إلا واحد ممن لا ينتقي في شيوخه، ولم يُعرَف بطلب أو بنسب أو كنية وما شابه هذا مما يدلنا علىٰ ثبوت شخصه ونفسه  فإن بُحِثَ عن حال راوٍ فثبت ضد ذلك المذكور أو بعضه لم يكن مجهولًا بالدليل المعتبر قال الخطيب البغدادي في الكفاية: ”بابُ ذِكْرِ الْمَجْهُولِ وَمَا بِهِ تَرْتَفِعُ عَنْهُ الْجَهَالَةُ  الْمَجْهُولُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: هُوَ كُلُّ مَنْ لَمْ يُشْتَهَرُ بِطَلَبِ الْعِلْمِ فِي نَفْسِهِ، وَلَا عَرَفَهُ الْعُلَمَاءُ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ حَدِيثُهُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ رَاو و...

هل ثبت حديث عظيم البطن؟

بسم اللَّه وبه أستعين والصلاة والسلام علىٰ رسوله وصحبه وأهل بيته أجمعين، وبعد: قال الإمام أحمد في المسند: ” ١٨٩٨٤ - حدثنا وكيع، حدثنا شعبة، حدثنا أبو إسرائيل الجشمي، عن شيخ لهم يقال له: جعدة أن النبي ﷺ رأىٰ لرجل رؤيا، قال: فبعث إليه، فجاء، فجعل يقصها عليه، وكان الرجل عظيم البطن قال: فجعل يقول: بأصبعه في بطنه: لو كان هذا في غير هذا، لكان خيرًا لك ” أقول: أبو إسرائيل هو شعيب البصري مولىٰ بني جشم لم يرو عنه غير شعبة، ولهذا ضعف الألباني الحديث بجهالة أبي إسرائيل والصواب أنه غير مجهول لا عينًا ولا حالًا إذ ذُكِرَ اسمه ونسبه فذُكِرَ أنه جشمي وأنه رجل منهم أي من بني جشم فهذه المعلومات كلها تدفع جهالة العين، وتؤكد وجود الرجل حقيقةً، وأن ذكره لم يكن وهمًا من الراوي بالاسم وما شابه ولا يلزم دائمًا رواية اثنين فصاعدًا لزوال جهالة العين فقد تزول بما ذكرت أو برواية رجل متحرٍ لا يروي إلا عن ثقة وأما جهالة الحال فقد روىٰ عن أبي إسرائيل شعبة، وشعبة ممن ينتقي في الرجال فروايته تعديل، فهذا يزيل جهالة الحال وحتىٰ جهالة العين قال أبو داود في سؤالاته: ” قلت لأحمد: إذا روىٰ يحيىٰ أو عبد الرحمن بن مهدي عن رج...

معاني الفرح في القرآن الكريم

بسم اللَّه والصلاة والسلام علىٰ رسول اللَّه وعلىٰ آله وصحبه ومن ولاه، وبعد: قال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن [٥٨٩]: ” الفرَحُ: المسرة، قال تعالىٰ: {حَتّى إِذا كُنتُم فِي الفُلكِ وَجَرَينَ بِهِم بِريحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحوا بها}، أي سُرُّوا والفرَحُ: الرضا، لأنه عن المسرة يكون، قال اللَّهُ تعالىٰ: {كُلُّ حِزبٍ بِما لديهم فَرِحُون}، أي راضون وقال: {فرحوا بما عندهم من العلم}، أي رضوا والفرَحُ: البطر والأشر، لأن ذلك عن إفراط السرور، قال اللَّهُ تعالىٰ: {إن اللَّه لا يحب الفرحين}، وقال: {إنه لفرح فخور} وقال: {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض} وقد تُبدَل الحاءُ في هذا المعنىٰ هاءً، فيقال: فره أي بطر، قال اللَّهُ تعالىٰ: {وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين}، أي: أشرين بطرين. والهاء تبدل من الحاء لقرب مخرجيهما، تقول: مدحته ومدهته، بمعنى واحد ” أقول: الفرح بمعناه المعروف كما في قوله تعالىٰ: {لا تَحسَبَنَّ الَّذينَ يَفرَحونَ بِما أَتَوا وَيُحِبّونَ أَن يُحمَدوا بِما لَم يَفعَلوا فَلا تَحسَبَنَّهُم بِمَفازَةٍ مِنَ العَذابِ وَلَهُم عَذابٌ أَليمٌ}  وفي قوله تعالىٰ: {وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ يَ...

مراد أبي حاتم الرازي بضعيف الحديث...

بسم اللَّه اللطيف الخبير وبه أستعين والصلاة والسلام علىٰ رسوله الرؤوف الرحيم، وبعد: فما مراد الإمام أبي حاتم الرازي بقوله: ”ضعيف الحديث"؟ والجواب اختصارًا: مراده بذلك الضعف الشديد أي درجة المتروك غالبًا إذ هو يقرن المتروك والمنكر بلفظة: ”ضعيف الحديث” فيجعل هذه الألفاظ بمعنىً واحد في غير موضع، ولا يمكن أنه يريد ضعف الرجل بشدة وعدم ذلك في نفس الوقت هذا مع إطلاقه لتلك اللفظة في متروكين لا خلاف في شدة ضعفهم، أو علىٰ أناس جرحهم جارح بشدة أو جرحهم عموم الأئمة بشدة فيحمل كلام أبي حاتم علىٰ الموافقة  وأقول تفصيلًا سنعرف مراده بتلك اللفظة من خلال كتاب الجرح والتعديل لابنه عبد الرحمن رحمهما اللَّه تعالىٰ ١ - قال أبو حاتم في إبراهيم بن يزيد الخوزي: (ضعيف الحديث منكر الحديث.) وهذا من أصرح ما يبين مراده بضعيف الحديث وقد قال أبو زرعة: (منكر الحديث)، هذا جرح شديد، وأبو حاتم قد قيل في غير راوٍ أنه متروك - كعبد اللَّه بن عامر الأسلمي - فيقول: (ضعيف الحديث ليس بالمتروك) ليبين بذلك أنه يخالف من جرحه بشدة، فإذا لم يفعل ذلك فالأصل حمل كلامه علىٰ الموافقة، هذا ولأن الأصل عدم الاختلاف بين الأئمة فيمن ...

إمرار الكفر والتعطيل بدعوىٰ نفي المثلية والتشبيه

بسم اللَّه السميع البصير الذي لا شبه له ولا مِثل في العالمين، والصلاة والسلام علىٰ نبيه الصادق الأمين، وبعد: فمما يشوش به المعطلة علىٰ أهل التوحيد وعوام الناس بمن فيهم من أهل الغفلة دعواهم نفي المثلية عن اللَّه تعالىٰ قاصدين بذلك إمرار التجهم والتعطيل وتبريرًا منهم بذلك الكفر المبين فالأمر كما قال عثمان الدارمي في نقضه [٣٥١]: ” وَاتَّخَذُوا قَوْلَهُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، دِلَسَةً عَلَىٰ الجُهَّالِ لِيُرَوِّجُوا عَلَيْهِمْ بهَا الضَّلالِ،  كَلِمَةُ حَقٍّ يُبْتَغَىٰ بهَا بَاطِلٌ، وَلَئِنْ كَانَ السُّفَهَاءُ فِي غَلَطٍ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ إِنَّ الفُقَهَاءَ مِنْهُمْ علىٰ يَقِين ” فسأذكر وجه الرد عليهم بعون اللَّه تعالىٰ قال تعالىٰ: {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصيرُ} وقد قال تعالىٰ: {يا نِساءَ النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ} فإذا لم يُفهَم من نفي المماثلة هاهنا نفي الصفات وإنما فُهِمَ إثباتها علىٰ المعقول بالقلوب من معانيها مع نفي مماثلتها لصفات الغير أي مع القطع بوجود قدر فارق في تلك الصفات المشتركة فكذلك مع قوله تعالىٰ: {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ} إنما هو...

هل تثبت صفة البشبشة؟

بسم اللَّه الودود الرحيم وبه أقصد وأستعين والصلاة والسلام علىٰ رسوله الرؤوف الرحيم، وبعد: قال الإمام أحمد في المسند: ” ٨٣٥٠ - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، وَابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: لَا يُوَطِّنُ - قَالَ ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: لَا يُوَطِّنُ - رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، إِلَّا تَبَشْبَشَ اللَّهُ بِهِ حَتَّى يَخْرُجَ، كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ، إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ ” أقول: هذا الحديث ثابت عن ابن أبي ذئب، ولكنه معلول بالشذوذ إذ قد خالفه غيره فيه وذاك أن الليث رواه، فزاد في الإسناد رجلًا مجهولًا قال الدارقطني في العلل: ”ورواه الليث بن سعد، عن المقبري، عن ابْنِ عُبَيْدَةَ، أَوْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الْحُبَابِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ رَجُلًا مَجْهُولًا. وَرَوَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي الْحُبَابِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ...

هل النفس صفة أم هي الذات؟

بسم الرب الرؤوف الرحيم ذي النفس الكريم العليم وبه أستعين والصلاة والسلام علىٰ رسوله الأمين، وبعد: فهل النفس صفة مستقلة أم هي الذات التي تجمع الصفات؟، معلوم مذهب ابن خزيمة إذ عدها من الصفات كما في كتاب التوحيد وكذا فعل ابن بطة في الإبانة الصغرىٰ ولكن الراجح بخلاف ذلك قال ابن تيمية بعد أن ذكر نصوص النفس في مجموع الفتاوىٰ [٢٩٢ - ٢٩٣]: ” فَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ الْمُرَادُ فِيهَا بِلَفْظِ النَّفْسِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: اللَّهُ نَفْسُهُ الَّتِي هِيَ ذَاتُهُ الْمُتَّصِفَةُ بِصِفَاتِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا ذَاتًا مُنْفَكَّةً عَنْ الصِّفَاتِ، وَلَا الْمُرَادُ بِهَا صِفَةً لِلذَّاتِ وَطَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ يَجْعَلُونَهَا مِنْ بَابِ الصِّفَاتِ كَمَا يَظُنُّ طَائِفَةٌ أَنَّهَا الذَّاتُ الْمُجَرَّدَةُ عَنْ الصِّفَاتِ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ ” والذي يرجح قول الجمهور ما قد ثبت عن التابعي أبي البختري كما روىٖ الدارمي عنه أنه جعل النفس هي الذات، وأقره الناس حينئذٍ، وقد أقره الدرامي في نقضه أيضًا قال الدارمي في نقضه [٣٣٠ - ٣٣١]: ” ، فَإِذَا اجْتَمَعَ قَوْلُ اللهِ وَقَوْلُ الرَّسُولَيْ...